دعم الاستثمارات القائمة يدعم الاقتصاد

الدكتور بسام الزعبي
تشهد حركة الاستثمارات على مستوى العالم هدوء نسبي لعدة أسباب، فالظروف السياسية في بعض الدول تحول دون التوجه للاستثمار فيها، كما أن عدم الاستقرار السياسي ينعكس على القطاعات الاقتصادية، وبالتالي تتراجع الاستثمارات هنا وهناك، فيما يأخذ المستثمرون من حول العالم موقع المراقب للمشهد، وبالتالي فإن حركة استقطاب الاستثمارات الخارجية تشهد ركوداً في العديد من الدول.
من هنا تأتي أهمية التركيز على تعزيز الاستثمارات المحلية القائمة على أرض الواقع في الأردن، للمستثمرين الأردنيين أو غيرهم، وفي كافة القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية والزراعية والخدمية، وغيرها من القطاعات الحيوية التي تشكل عناصر مهمة في زيادة الناتج المحلي الاجمالي، فالاستثمارات القائمة على أرض الواقع أولى بالرعاية والدعم في هذه المرحلة، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح الموارد الطبيعية، ويعتمد اقتصادها على الضرائب والرسوم الجمركية وغيرها من الموارد المالية المعتمدة على الشركات والأفراد، مثل الأردن.
العديد من القطاعات الاقتصادية لديها تحديات وصعوبات تحول دون قدرتها على التطور والتوسع والنمو، وبالتالي تتوقف عن خلق فرص عمل جديدة، بالتزامن من تزايد أعداد العاطلين والباحثين عن العمل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الباحثين عن فرص العمل في الغالب هم من حملة الشهادات الأكاديمية، وليس لديهم خبرات عملية في مجال اختصاصهم، وهو ما يحول دون حصولهم على فرص عمل حقيقية وليست (مقنعة)، رغم وجود عمالة وافدة في العديد من القطاعات التي يمكن إحلال عمالة أردنية مكانهم في حال تم تدريبهم وتأهيلهم في مهن مطلوبة، بحيث يرتبط التدريب والتأهيل بفرص عمل حقيقية، وهذا ملف آخر يستحق البحث فيه بالتفصيل.
دعم وتعزيز ومساندة الاستثمارات المحلية ضرورة ملحه جداً في هذا التوقيت، إذ أن خطة التحديث الاقتصادي تستهدف توفير 100 ألف فرصة عمل سنوياً، على مدار العشر سنوات القادمة، وهذا الرقم ليس من السهل تحقيقه إذا ما نظرنا للواقع الاقتصادي محلياً وعالمياً، إذ ليس من السهل تشغيل هذا العدد الكبير داخل الأردن دون تعزيز الاستثمارات المحلية فعلياً، ودون جلب استثمارات كبرى في قطاعات استراتيجية قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد بشكل قوي، وكلا الأمرين يتطلب رؤية واضحة لكل قطاع على حدا، وما يمكن أن يتم فيه من نمو.
المستثمر الذي وضع أمواله واستثماراته فعلياً في الأردن، ولديه المئات من العمالة الأردنية، ويساهم في زيادة الناتج المحلي الاجمالي، ويدفع ضرائبه والتزاماته الحكومية تجاه كافة مؤسسات الدولة، ويصدر منتجاته وخدماته ويجلب العملات الصعبة للأردن، ويسعى للتوسع في أعماله واستثماراته، وبالتالي زيادة أعداد العمالة التي يشغلها، وزيادة حجم الضرائب التي يدفعها، هو المستثمر الفعلي الذي يستحق الوقوف بجانبه والاستماع لمطالبه ومحاولة تحقيقها، ليبقى واقفاً بقوة على أرض الأردن، وليبقى عنصر بناء ونمو داعم لاقتصادنا الوطني على الدوام.

20-نيسان-2023 16:14 م

نبذة عن الكاتب